السبت، 28 ديسمبر 2013

اليوشع: رفع الديزل يخلق سوقين للديزل في البحرين

ثامر طيفور:
أحمد اليوشع
أعلنت الهيئة الوطنية للنفط والغاز في 19 ديسمبر 2013 قراراً برفع أسعار الديزل للاستخدام المحلي تدريجيّاً بنسبة 80 في المئة في خطوة هي الثانية في غضون خمس سنوات، مع الحفاظ على سعره عند 90 فلساً لممتهني الصيد والبحارة.
وسارع العديد من المتابعين وصف المسألة بمحاولة من الحكومة لكبح جماح مهربي الديزل، والذي  يشترون الديزل بـ 80 فلس في البحرين ويبيعونه بـ 280 فلس في دول خليجية أخرى مثل قطر والإمارات وعمان.
ولفهم أعمق للموضوع، قابلنا الدكتور أحمد اليوشع، عضو جمعية الإقتصاديين البحرينيين ورئيس مجلس إدارتها سابقاً، والذي قلل من أهمية التركيز على موضوع تهريب الديزل، ورفض صرفه للبحارة بسعر أقل من سعره في السوق البحرينية، لأن ذلك يخلق سوقين للسلعه داخل البحرين.

هل هناك رابط فعلي بين رفع سعر الديزل ومشكلة تهريب الديزل؟
سعر الديزل في الخليج أغلى بكثير من سعره في البحرين، فهناك حافز لشراء الديزل من البحرين وبيعه في السوق السوداء الخليجية، بسعر أغلى، ولكن الكم المهرب قليل، ورفع سعر الديزل يجب ان يساوى بالخليجي لمنع حافز التهريب، ولا اعتقد ان تهريب الديزل بذاك الكم الكبير الذي يؤثر على السوق المحلية.

هل ترى أن رفع سعر الديزل مبرر؟
هذا يعتمد على الدراسات التي تجريها الحكومة، ولكن انت الأن لديك طلبة تنقلهم بالباصات وشركات إنتاج، كما أن شركات الإنشاءات خرجت للتو من أزمتها بعد الأحداث الأخيرة في البحرين، فهل الوضع يسمح لك بالزيادة؟ ولولى الحكومة وصرفها على البنى التحتية والإسكان لكان قطاع اللإنشاءات أنهار في البحرين فالوضع  صعب في هذا القطاع.

البعض يتخوف من رفع الأسعار والتضخم بسبب هذه الزيادة، فهل فعلاً سيؤدي هذا الأمر للتضخم؟
الذي يحدث هو أرتفاع تكلفة الإنتاج، فعلى سبيل المثال سيارات النقل الضخمة والتي تعمل بالديزل والباصات التي توصل العمال والطلبة والخ، سترتفع تكلفة تشغيلها، فترتفع تسعيرة التشغيل على رب العمل الذي يقوم بدوره برفع أسعار الخدمات والسلع التي يقدمها.
 لذلك اتوقع. ان يؤثر ولكن بشكل محدود فالديزل لا يستخدم بشكل أساسي في الأقتصاد البحريني، لذلك فإن الرفع قد يكون في أمور بسيطة وفي مجالات معينة مثل المواصلات والإنشاءات.

الحكومة تقول أن الخسائر من تهريب الديزل بين 3 إلى 5 ملايين دينار، فهل إيقاف هذه الخسائر البسيطة مبرر لاستحضار شبح التضخم؟
هذه القرارات لا تتخذ بشكل عبثي، الحكومة تدرس مثل هذه القرارات قبل اتخاذها، فهل أرتفاع اسعار الديزل سيؤثر على المواطن؟ وهل سيزيد إيرادات الحكومة؟ فالحكومة تدرس العائد والخسائر من هذه القرارات وعلى أساسها تتخذ القرارات، وبلا شك إيرادات الحكومة ستزيد من هذا القرار ولكن بشكل محدود.
وفي مثل هذه القرارات لا يكون الاهتمام منحصر بالجانب الإقتصادي، بل يؤخذ بعين الأعتبار الجوانب الإجتماعية والسياسية، وتأثير هذه القرارات على هذه الجوانب حتى وان كانت مالياً واقتصادياً مبرر.

الحكومة سترفع سعر الديزل لـ 120 فلس وتدريجياً إلى 170 فلس خلال 5 سنوات، إلا انها استثنت البحارة من الإرتفاع وأكدت أنها ستبيعهم اللتر بـ90 فلس، لماذا هذا الوضع الخاص؟
أنا غير مؤيد لهذا القرار لانه يخلق سوق سوداء، فقد يشتري بعض البحارة الديزل بسعر 90 ويبيعونه بالسوق بأسعار أكثر، وبذلك نخلق سوق سوداء للديزل داخل البحرين، فأنا غير مؤيد لهذا الاستثناء، ويجب ان يكون السعر موحد في السوق لا ان نقسم السوق، الأن أصبح لدينا سوقين سوق للبحارة وسوق لباقي الناس، وتفاوت الأسعار سيحرك السلعة من سوق إلى سوق.

هناك كلام حول توحيد سعر المشتقات البترولية في دول الخليج، ما رأيك في ذلك؟
لماذا لا ، نحن نتمنى ذلك، فنحن نريد الوحدة الخليجية في كل شيئ ، ولكن العوائد المالية للدول ستكون على حسب التوحيد إذا كان لسعر أعلى أو أقل، فإذا تم توحيد السعر للأعلى ستيزيد إيرادات الحكومات، ولكن هل الحكومات تحتاج لدخل نفطي أعلى من ما هو موجود؟ أتوقع انه يجب التسهيل على مواطني دول الخليج عبر التوحيد لا زيادة الأسعار.

الحكومة تقول أن الكميات المهربة هي 7 ملايين لتر؟
 التهريب ليس كبير ولا يؤثر على السوق البحرينية، و يجب ان لا نضخم موضوع تهريب الديزل لانه محدود، والأمر أولا وأخراً يتم بسبب التحفيزات للمهربين، بحسب الفرق بين أسعار الديزل بين البحرين وغيرها، فالتهريب لا يهدد الاقتصاد البحريني أو دعم البحرين للمشتقات النفطية.

في تحقيقات صحفية نشرت قبل فترة، أكتشف أن الديزل البحريني المهرب يباع في السوق السوداء في قطر والإمارات وعمان، ما واجب تلك الدول لمكافحة التهريب إليها؟
وإذا كان هناك نسبة قليلة من الناس يقومون بهذا التهريب البسيط فلا يجب ان يعاقب الجميع على حماقاتهم عبر رفع الأسعار، والأجهزة الأمنية في الخليج متطورة وقادرة على ضبط حركة التهريب.



أحد المسؤولين الخليجيين يقول ان نموذج "دولة الرفاة" في بلده والتي تقوم أساساً على فكرة دعم السلع الأساسية من المستحيل ان يستمر، فهل تتوقع ان رفع سعر الديزل هي مقدمة لسحب الدعم أو تقليله على بعض السلع؟
منذ زمن نسمع مثل هذا الكلام، باعتقادي انه لا بد للحكومات ان تقدم شيء لشعوبها، وحكومة البحرين دائماً كانت سخية رغم محدودية أمكانياتها، كما ان متوسط دخل الفرد في البحرين غير مماثل ما هو موجود في الدول الخليجة المجاورة، ورغم ان هناك أجماع على ان الدعم يكلف الدولة، وهو فعلا مكلف جداً للدولة، لكن يجب التدرج إذا حصلت مثل هذه القرارات.
وكيف نقول بأن نموذج دولة الرفاة لن يدوم، لا يا أخي العالم يسعى بكل ما فيه من قوة أقتصادية ومالية لرفاهية مواطنين ، فكيف نقول بعكس ذلك، بل يجب تعزيز نموذج دولة الرفاة في البحرين والخليج لا العكس.
حكومة البحرين لن تقول هذا الكلام أبداً، بل كانت دائماً متدرجة ومتأنية وحكيمة في مثل هذه القرارات، لان لها تبعيات على الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في البلد.
فمثلاً الأن الجميع يستخدم السيارات بـ100 فلس للتر، ويعتمد أغلب البحرينيين عليه، فلو تم رفعه مثلاً لـ 300 فلس، فستصدم ميزانية الاسرة البحرينية ، فهذا جانب اجتماعي واقتصادي يؤثر حتى على جانب التواصل بين الناس، فإذا كنت تسكن بالمحرق مثلا وأهلك في مدينة حمد، فانك تحتاج 3 أضعاف الميزانية الطبيعية للتواصل معهم.
كما ان النقل الجماعي مثل القطارات والباصات غير منتشر بالبلد،  وهذا أمر سيؤثر على المواطنين بشكل كبير، ولا اتوقع ان تتخذ الحكومة مثل هذا القرار  أبداً أبداً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق